5 دروس لن يتعلمها إلا الأذكياء عاطفيًا في بيئات العمل السامة


5 دروس لن يتعلمها إلا الأذكياء عاطفيًا في بيئات العمل السامة


"هل شعرت يومًا أن بيئة عملك تستنزف طاقتك بدلًا من أن تدعم نجاحك؟"

في عالم مثالي، تكون بيئات العمل مكانًا للنمو والتعاون والإبداع. لكن الواقع مختلف، فليس هناك أصعب من التواجد في بيئة عمل تسودها الضغوط المستمرة، والصراعات الداخلية، وانعدام التقدير، حيث يصبح كل يوم تحديًا نفسيًا قبل أن يكون تحديًا مهنيًا. عندما تتحول الاجتماعات إلى ساحة للصراعات بدلًا من العصف الذهني، وعندما يصبح القلق من ردود الفعل أكبر من القلق بشأن جودة الأداء، يدرك الموظف أنه في بيئة عمل سامة.

كشفت دراسة أجرتها MIT Sloan أن 48% من الموظفين الذين استقالوا في 2023 كان السبب الرئيسي وراء قرارهم هو بيئة العمل السامة. كما أشار تقرير صادر عن Gallup إلى أن 75% من الموظفين الذين يتركون وظائفهم لا يستقيلون من العمل نفسه، بل من مدرائهم المباشرين. والأسوأ من ذلك، وفقًا لـ Harvard Business School، فإن انتشار السلوكيات السامة في بيئة العمل يمكن أن يخفض إنتاجية الفريق بنسبة تصل إلى 30% ويزيد من معدلات التغيب عن العمل بنسبة 50%.

ومع ذلك، هناك فئة من الموظفين تستطيع ليس فقط النجاة في هذه البيئات، بل أيضًا التكيف معها بذكاء وتحقيق النجاح رغم الصعوبات—إنهم الأذكياء عاطفيًا.


من هم الأذكياء عاطفيًا؟

الأذكياء عاطفيًا هم الأشخاص القادرون على التعرف على مشاعرهم وإدارتها بفعالية، وكذلك فهم مشاعر الآخرين والتعامل معها بحكمة. يتمتعون بقدرة عالية على ضبط النفس، والتعاطف، وإدارة العلاقات، مما يساعدهم في التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة أكثر مرونة واتزانًا.

5 دروس لن يتعلمها إلا الأذكياء عاطفيًا في بيئات العمل السامة


ما هي بيئة العمل السامة؟

بيئة العمل السامة هي المكان الذي تسود فيه الضغوط المفرطة، والصراعات المستمرة، وانعدام التقدير، والتواصل السلبي. تشمل سماتها:

  • قيادة سيئة تعتمد على السيطرة بدلاً من التحفيز.
  • انعدام الشفافية والثقة مما يؤدي إلى انتشار الإشاعات والخوف.
  • ضغط نفسي مستمر يؤدي إلى الإرهاق، حيث أظهر تقرير صادر عن WHO أن الإرهاق المهني زاد بنسبة 32% عالميًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
  • غياب ثقافة التقدير، حيث أظهرت دراسة لـ Workhuman أن 63% من الموظفين يشعرون بعدم التقدير في أماكن عملهم.
  • التلاعب السياسي داخل المؤسسة، حيث يتم الترقّي والعلاوات وفقًا للعلاقات بدلاً من الأداء، مما يقلل من الرضا الوظيفي بنسبة 45% وفقًا لـ Forbes.

5 دروس لن يتعلمها إلا الأذكياء عاطفيًا في هذه البيئات:

التعامل مع بيئة عمل سامة ليس مجرد تحدٍ يومي، بل هو اختبار حقيقي للذكاء العاطفي. في مثل هذه البيئات، لا يكون النجاح مرتبطًا فقط بالكفاءة المهنية، بل بالقدرة على إدارة المشاعر، والتكيف مع الضغوط، ووضع الحدود بذكاء. إليك خمسة دروس أساسية لا يتقنها إلا الأذكياء عاطفيًا، وهي ما تساعدهم على الصمود بل وحتى النجاح وسط الفوضى.


1. السيطرة على ردود الفعل بدلًا من محاولة تغيير الآخرين

في بيئات العمل السامة، التوقع بأن الآخرين سيتغيرون هو وصفة مضمونة للإحباط. الأذكياء عاطفيًا يدركون أن أفضل استثمار هو في التحكم بردود أفعالهم بدلاً من محاولة التحكم بالآخرين. فهم يركزون على ما يمكنهم تغييره: سلوكهم الشخصي، وحدودهم، وطريقة استجابتهم للمواقف.


2. القدرة على وضع الحدود دون الشعور بالذنب

يجد الكثيرون صعوبة في قول "لا" لرئيس متطلب أو زميل يستغل طيبتهم، لكن الأذكياء عاطفيًا يتعلمون أن الحدود ليست رفاهية بل ضرورة. وذلك من خلال استخدام لغة حازمة لكنها دبلوماسية، فبدلًا من الاعتذار عند رفض مهام إضافية، يعبرون بثقة قائلين: "لدي أولويات أخرى في الوقت الحالي، لكن يمكنني المساعدة لاحقًا." كما أنهم يفصلون بوضوح بين العمل والحياة الشخصية، فلا يردون على رسائل العمل خارج أوقات الدوام، ويحرصون على توضيح ذلك بطريقة محترمة. إضافة إلى ذلك، يدركون أن رفض الاستغلال لا يجعلهم أقل تعاونًا، بل على العكس، يجعلهم أكثر كفاءة على المدى الطويل، لأنهم يخصصون وقتهم وجهدهم لما هو أكثر أهمية وإنتاجية.


3. التعامل مع الطاقة السلبية بحكمة

في بيئات العمل السامة، تنتشر الشكوى والنقد السلبي والطاقة المحبطة. الأذكياء عاطفيًا لا ينغمسون في هذه الدوامة، بل يختارون بحكمة أين يضعون انتباههم. وفقًا لاستطلاع أجرته LinkedIn، فإن 60% من الموظفين الذين يتعرضون لبيئة سلبية يميلون إلى نقل هذا التأثير إلى حياتهم الشخصية، بينما الأذكياء عاطفيًا يتعلمون كيفية عزل حياتهم المهنية عن حياتهم الشخصية لحماية صحتهم النفسية.

4. الحفاظ على الهدوء تحت الضغط بدلاً من الانفعال العاطفي

في بيئات العمل السامة، قد تكون المواقف المشحونة والتوتر اليومي أمرًا معتادًا، لكن الأذكياء عاطفيًا لا يسمحون لهذه الضغوط بالسيطرة على ردود أفعالهم. بدلاً من الانفعال أو اتخاذ قرارات متسرعة تحت تأثير المشاعر، يتدربون على التحكم في استجاباتهم، سواء من خلال التنفس العميق، أو إعادة تأطير الموقف، أو حتى تأجيل الرد حتى يهدأوا. هذه المهارة تمنحهم قدرة أكبر على التعامل بفعالية مع المواقف الصعبة دون أن يؤثر ذلك على سمعتهم المهنية أو علاقتهم بالآخرين. ووفقًا لدراسة من TalentSmart، فإن 90% من أصحاب الأداء العالي في بيئات العمل يتمتعون بقدرة كبيرة على إدارة عواطفهم في لحظات الضغط، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً واستراتيجية.هذه المهارة لا تحمي صحتهم النفسية فقط، بل تجعلهم أكثر كفاءة في اتخاذ القرارات تحت الضغط

اقرأ أيضا: كيف تتعامل مع المدير الذي يمارس الصمت العقابي باستخدام الذكاء العاطفي


5. التركيز على ما يمكنهم التحكم فيه وتجاهل ما لا يمكن تغييره

في بيئات العمل السامة، قد يكون من السهل الانشغال بالسياسات الداخلية، والقرارات غير العادلة، وسلوكيات الزملاء السلبية. لكن الأذكياء عاطفيًا يدركون أن التركيز على هذه الأمور يستهلك طاقتهم دون فائدة، لذا يوجهون انتباههم إلى ما يمكنهم فعله بدلاً من ما هو خارج عن سيطرتهم. فهم يركزون على تطوير مهاراتهم، وتحسين أدائهم، وبناء علاقات داعمة داخل وخارج العمل، بدلاً من الانغماس في الشكاوى أو الصراعات غير المثمرة. كما أنهم يضعون خطة بديلة دائمًا، سواء كان ذلك البحث عن فرص جديدة أو تطوير مصدر دخل إضافي، مما يمنحهم إحساسًا بالسيطرة ويقلل من تأثير البيئة السامة عليهم. ووفقًا لدراسة من Harvard Business Review، فإن الموظفين الذين يركزون على تطوير أنفسهم بدلاً من مقاومة النظام السلبي يكونون أكثر رضا وظيفيًا بنسبة 32% وأقل عرضة للإجهاد المزمن بنسبة 40%.


متى يكون الانسحاب هو القرار الصحيح؟

في بعض الأحيان، لا يكون الذكاء العاطفي والتكيف كافيًا، وتصبح بيئة العمل السامة عبئًا نفسيًا لا يمكن تحمله. الأذكياء عاطفيًا يدركون متى يكون الوقت قد حان للرحيل، خصوصًا عندما تؤثر بيئة العمل سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية، أو عندما تصبح فرص النمو والتقدم شبه معدومة. في هذه الحالة، لا يرون الاستقالة كهروب، بل كقرار استراتيجي للحفاظ على صحتهم ومستقبلهم المهني.


الخلاصة

التعامل مع بيئات العمل السامة ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن إذا امتلكت الأدوات الصحيحة. الأذكياء عاطفيًا لا يسمحون لأنفسهم بأن يصبحوا ضحايا للظروف، بل يتعلمون كيف يتكيفون، يحافظون على طاقتهم، ويعرفون متى يحاربون ومتى ينسحبون. وفي النهاية، الذكاء العاطفي ليس مجرد مهارة، بل وسيلة للبقاء والنجاح حتى في أصعب البيئات.


"إذا كنت تواجه بيئة عمل سامة، كيف تتعامل معها؟ شاركنا في التعليقات. وإذا كنت بحاجة لدعم أكبر، يمكنك حجز جلسة استشارية لمساعدتك على التعامل مع هذه التحديات بفعالية."

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق